التَورقُ في النظام السعودي

التَورقُ من الموضوعات الهامة في هذا العصر، فقد أصبح اليوم يحتل في أدبيات المؤسسات المالية الإسلامية حيزاً كبيراً، فقد خطت المصارف التجارية السعودية خطوات في العمل المصرفي الإسلامي وذلك بفتح فروع أو نوافذ يتم من خلالها إجراء المعاملات المصرفية وفق صـيغ التمويل المصرفي الإسلامي، مثل بيع المرابحة للآمر بالشراء، وبيع التقسيط .. إلخ.

تعريف التَورقُ في اللغة والاصطلاح

  • التَورقُ في اللغة: طلبُ الوَرِقِ بكسر الراء، وهو النقدُ المضروبُ من الفِضة، أي الدراهم، ثم صار يطلق على طلب النقد عامة، سواء كان مضروباً من الفضة أو الذهب، وهي الدنانير، أو غيرهما، فبقي أصلُ اللفظ، وصار التوسع في مدلوله تبعاً للتوسع في مفهوم النقد حتى صار يطلق على طلب النقود الورقية التي يتم التعامل.
  • وعلى ذلك فالتورق استعمل عند المتقدمين في طلب النقود الفضية، وهي الدراهم، واستعمل عند المعاصرين في طلب النقود الورقية، أي العملات الورقية.
  • التَورقُ في الاصطلاح: التَورقُ عند الفقهاء: أن يشتري المرء سلعة نسيئة، ثم يبيعها نقدًا بسعر أقل مما اشتراها به، ليحصل بذلك على النقد.
  • وعرفه المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بقوله: “بيع التَورقُ: هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع، للحصول على النقد (الورق).
  • وعرفه مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي بقول: “التَورقُ في اصطلاح الفقهاء: هو شراء شخص (المستورق) سلعة بثمن مؤجل من أجل أن يبيعها نقداً بثمن أقل غالباً إلى غير من اشتريت منه بقصد الحصول على النقد.
  • وعرفته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية بقولها: “مسألة التَورقُ: هي أن تشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم تبيعها بثمن حال على غير من اشتريتها منه بالثمن المؤجل؛ من أجل أن تنتفع بثمنها”.
  • وعرفته هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بقولها: “التَورقُ : شراء سلعة بثمن آجل مساومة أو مرابحة ثم بيعها إلى غير من اشتريت منه للحصول على النقد بثمن حال”.

خصائص التَورقُ

يتميز التَورقُ بالخصائص التالية:

  1. أن التَورقُ له ثلاثة أطراف وهي طالب التورق (المستورق)، أو المشتري الأول للسلعة بثمن نسيئة (مؤجل)، وبائع السلعة الأول، والمشتري الثاني للسلعة، وهو بذلك يختلف عن البيع المطلق الذي يتضمن طرفين، كما يختلف عن بيع العِينة الذي يتضمن طرفين فقط، وهما البائع والمشتري.
  2. أن الغاية من التَورقُ هي حصول طالب التورق (المستورق) على النقود (السيولة) لا المتاجرة بالسلعة، أو الانتفاع بها، لأن حاجته إلى النقود لا تسد إلا بذلك، فلا تسد بالاقتراض الحسن، ويختلف بذلك التورق عن بيع العِينة؛ لأن الغاية منه معلومة لجميع الأطراف والحصول على الزيادة لصاحب العِينة بالبيع الذي يتضمن القرض.
  3. في التَورقُ تكون السلعة في حوزة البائع الأول وملكة، ويقوم المستورق بشرائها.
  4. في التَورقُ البائع الأول لا توجد له أية علاقة ببيع السلعة، فلا يعيد شراءها لنفسه لا مباشرة ولا بواسطة، كما في العِينة، ولا يكون وكيلاً عن المستورق في بيع السلعة.
  5. في التَورقُ يكون المشتري الثاني للسلعة غير البائع الأول، وهو بذلك يختلف عن بيع العِينة الذي يكون المشتري الثاني فيه هو البائع الأول للسلعة.
  6. في التَورقُ يتم قبض طالب التورق (المستورق) للسلعة التي اشتراها، وتدخل في ضمانه، وبذلك يكون البيع مستقراً.
  7. في التَورقُ يوجد فصل كامل بين التصرفات التعاقدية، حيث يقوم طالب التورق (المستورق) بشراء السلعة بعقد بيع آجل مستوفي الأركان والشروط الشرعية، ثم تنتهي هذه العملية لتبدأ عملية أخرى منفصلة عنها تماماً، وهي إعادة بيع المستورق للسلعة لغير بائع السلعة بثمن أقل حال للحصول على النقود، فلا يكون العقد المستقل ذريعة إلى عقد آخر مستقل عنه، وهو بهذا يختلف عن بيع العِينة الذي يتضمن عقدين مرتبطين مع بعضهما، فلا يبيع السلعة بالأجل إلا إذا تعهد المشتري أنه سوف يبيعها له، أو لوكيله بالنقد بسعر أقل، فيحصل التواطؤ على ذلك، وتتحقق الحيلة على الربا.

التمييز بين التَورقُ وبين ما يشابهه من مصطلحات

يتشابه التَورقُ مع العديد من المصطلحات المشابهة منها: العِينة، والمرابحة للآمر بالشراء، وسيتم توضيح أوجه الشبه والاختلاف بينهما وبين التورق، وذلك فيما يلي:

  1. أوجه الشبه والاختلاف بين التَورقُ والعِينة:
    • العِينة في الاصطلاح: هي أن يبيع الرجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل ثم يشتريها من المشترى قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل منه ليبقى الكثير في ذمته.
    • أوجه الشبة بين التَورقُ والعِينة: يتفق كل منهما في الآتي:
      • أن البائع في كل منهما يبيع السلعة للمشتري بثمن مؤجل (نسيئة) أكثر من الثمن الحال في السوق.
      • أن السلعة في كل منهما وسيطة لاغية غير مقصودة حقيقة للمشتري.
      • أن البائع في كل منهما هو مصدر النقد للمشتري، فالنقد يحصل عن طريقه وبواسطته.
      • أن قصد المشتري في كليهما واحد، وهو الحصول على النقود حتى لو كان ذلك بكلفة وخسارة.
      • أن كليهما فيه بيعة مؤجلة وأخرى معجلة.
      • أن كليهما اتخذ حيلة أو مخرجاً لتفادي الإقراض الربوي.
      • أن حاجة العميل في كل منهما إلى النقد أو المال باعتباره جهة عجز مالي.
    • أوجه الاختلاف بين التَورقُ والعِينة: يختلف التَورقُ عن العِينة في عدة أمور هي:
      • أن التَورقُ لا رجوع فيه للسلعة إلى البائع بأقل مما باعها به نسيئة، أما في العِينة فلا بد من رجوع السلعة إلى البائع الأول بأقل مما باعها به نسيئة ليحصل له الزيادة الربوية، حيث تكون السلعة قد خرجت من ملكه في البيع الأول إلى المشترى بثمن مؤجل، ثم عادت في البيع الثاني إلى مالكها (البائع الأول) بثمن حال، بحيث يثبت في ذمة المشتري الأول الثمن المؤجل نتيجة هذين البيعين.
      • أن المشتري الثاني للسلعة في التورق هو غير البائع الأول، أما في العِينة فيكون المشتري الثاني فيها هو البائع الأول للسلعة، وبذلك يكون للتورق ثلاثة أطراف، وهي: طالب التورق، وبائع السلعة الأول، والمشتري الثاني للسلعة، وأما في العِينة فلها طرفان.
      • أن الاستغلال في العِينة واضح، حيث يؤدي الأمر إلى أننا إذا ألغينا السلعة في هاتين الصفقتين، كانت دراهم بدراهم بأكثر منها أو بأجل، وذلك هو الربا، أما في التورق فلا يوجد فيه هذا المعنى إذ السلعة تذهب إلى شخص ثالث غير بائعها الأول نسيئة.
      • أن غاية طالب التَورقُ (المستورق) في الحصول على النقد غير مصرح بها للطرف الآخر (البائع الأول للسلعة نسيئة)، وأما في العِينة فإن هذه الغاية مصرح بها، وهي تكون معلومة للطرفين، ويتم بالتواطؤ على ذلك ليحصل الزيادة لصاحب العِينة (البائع الأول للسلعة نسيئة)، من خلال الفرق بين الثمنين، أي ثمن بيعها نسيئة بأكثر مما اشتراها به نقداً.
  2. أوجه الشبه والاختلاف بين التَورقُ والمرابحة للآمر بالشراء
    • المرابحة للآمر بالشراء هي: طلب المشتري من شخص آخر أو المصرف الإسلامي أن يشتري له سلعة معينة بمواصفات محددة، وذلك على أساس وعد منه بشراء تلك السلعة اللازمة له مرابحة، وذلك بالنسبة أو الربح المتفق عليه، ويدفع الثمن على دفعات أو على أقساط تبعاً لإمكانياته وقدرته المالية. وهي تكون وفق الخطوات التالية:
      • يأتي العميل إلى المصرف الإسلامي ويطلب منه أن يشتري له سلعة أو بضاعة معينة أو سيارة ويحدد له مواصفاتها، ويتعهد بأنه في حالة تنفيذ هذه العملية أن سيشتريها.
      • ثم يقوم المشتري بشراء تلك السلعة أو البضاعة أو السيارة ويقبضها وتدخل في ملكيته.
      • ثم يبيع المصرف تلك البضاعة أو السيارة للعميل الآمر بالشراء ونسبة ربح معلوم، فلنفرض أن المصرف اشترى السيارة بـ 100 ألف فيبعها له بـ 110 آلاف مقسطة على اقساط شهرية أو نحو ذلك
      • والعلافة بين التورق والمرابحة لآمر بالشراء: ان المرابحة قد تكون وسيلة من وسائل التورق، فيشتري المتورق السلعة بطريق المرابحة، لكنهما يختلفان من حيث الغاية من كل منهما؛ فالمشتري في المرابحة يقصد تملك السلعة والانتفاع بها، في حين أن المتورق لا يقصد من المعاملة ذلك وإنما يقصد منها الحصول على المال أو السيولة.

أنواع التَورقُ

هناك ثلاثة أنواع من التَورقُ يجب التفريق بينهما:

التَورقُ الفقهي (الفردي):

  • صور التَورقُ الفقهي: للتورق الفقهي ثلاث صور هي:
    • أن يكون الشخص في حاجة إلى النقود احتياجاً حقيقياً وأن يعجز عن الحصول على المال بالطرق الشرعية كالقرض الحسن، فلا يجد من يقرضه أو لا يريد أن يطلب من أحد قرضًا فيشتري سلعة نسيئة ويبيعها من غير البائع الأول من غير أن يعلم أحد بنيته وحاجته إلى النقود.
    • أن يطلب المتورق القرض من تاجر، فيقول له التاجر ليس عندي نقود، ولكن أبيعك هذه نسيئة إلى سنة لتبيعها في السوق، ويبيع السلعة بسعرها نقداً في السوق نظير الأجل.
    • تشبه الصورة الثانية ولكن التاجر يبيع المستورق السلعة بأكثر من ثمنها في السوق نظير الأجل.
  • ضوابط التَورقُ الفردي:
    • أن يتم استيفاء المتطلبات الشرعية لعقد شراء السلعة بالثمن الآجل مرابحـة، ويراعى في بيع المرابحة للآمر بالشراء وجود السلعة، وتملك البائع لها قبل بيعها، وفي حـال وجود وعد ملزم، فإنه يجب أن يكون من طرف واحد.
    • أن تكون السلعة المباعة من غير الذهب، أو الفضة، أو العملات الورقية المعاصرة.
    • أن تكون السلعة المباعة معينة تعييناً يميزها عن موجودات البائع الأخرى.
    • أن يكون الشراء حقيقياً وليس صورياً، ويفضـل أن تـتم العمليـة بالسـلع المحلية، ويتحقق الشراء بقبض السلعة قبضًا حقيقياً يحول دون قبضها من قبل المتورق.
    • أن يتم قبض السلعة حقيقة أو حكماً بالتمكن فعلاً من القبض الحقيقي، وانتفـاء أي قيد أو إجراء يحول دون قبضها من قبل المتورق.
    • أن يكون بيع السلعة (محل التورق) لغير البائع الذي اشتريت منـه بالأجـل بأقل مما اشتراها به، لا مباشرة ولا بالواسطة، وذلك لتجنب العينة المحرمة شرعاً.
    • ألا يكون هناك ربط بين عقد شراء السلعة بالأجل، وعقد بيعها بثمن حـال، بطريقة تسلب العميل حقه في قبض السلعة، سواء أكان الربط بـالنص فـي المسـتندات، أم بالعرف، أم بتصميم الإجراءات.

التَورقُ المنظم

  • هو أن يتولى البائع ترتيب الحصول على النقد للمتورق (المشتري)؛ بأن يبيعه سلعة بثمن آجل ثم يبيعها (البائع) نيابة عن المتورق (المشتري) بثمن نقد لطرف آخر أقل من الثمن الأول ويتم تسليم الثمن النقدي إلى المتورق، فكون التورق في هذه المعاملة منظماً بين الأطراف، فالبائع قد يتفق مسبقاً مع الطرف الآخر ليشتري له سلعة نقداً بثمن أقل من السعر الفوري السائد.
  • صور التَورقُ المنظم: للتورق المنظم صور متعددة هي:
    • شراء المصرف السلع المحلية أو الدولية نقداً وبيعها بالآجل للمتورق ثم توكيل المصرف ببيع الحال إلى مشتر ثالث ويكون غالباً نفس البائع الأول كون السلعة لم نتحرك من مكانها وهذه أشهر صور التورق المصرفي.
    • الإيداع النقدي لدى مصارف خارجية وتفويضها بشراء سلع نقدًا في السوق الدولية وبيعها لنفسها آجلاً بثمن يزيد بمقدار الفوائد حيث تباع تلك السلع في السوق الدولية لإعادة الوديعة إلى حالتها النقدية ثانية وهو مما تعمد إليه المصارف الإسلامية كوسيلة لاستعمال السيولة المتوفرة لديها.
    • صكوك أعيان مؤجرة: وهي تقوم على بيع أعيان للجمهور بثمن محدد ثم استئجارها منهم مع اشتراط بيعها ثانية للبائع الأول “الجهة المصدرة” بسعر شرائها، إما تقسيطًا أو دفعة واحدة مع تكسب حملة الصكوك من الأجرة ما بين الشراءين.
    • صكوك منافع وهي منافع طويلة الأجل، مملكة للجمهور بنقد حال مع اشتراط بيع هذه المنافع ذاتها لبائعها الأول بصورة سنوية بنقد يتضمن زيادة ويستحق آخر كل سنة.
    • أخذ توقيع العميل مسبقاً على تفويض المصرف بإجراء تورق لحسابه في كل مرة ينكشف حسابه سواء في بطاقة الائتمان أو في الحساب الجاري والقيام بعملية التورق لتحقيق زيادة نقدية للمصرف الإسلامي على حسابه المنكشف.

التَورقُ المصرفي:

  • سمي بالمصرفي لانتساب هذه المعاملة إلى المصارف وكثيراً ما يستخدم هذا المصطلح ردفًا للتورق المنظم، ولكن يمكن التمييز بينهما بأن التورق المصرفي هو تورق منظم يسبقه مرابحة للآمر بالشراء، حيث الآمر بالشراء هو المتورق، والسبب أن المصارف لا تملك سلعا ابتداء.
  • لجأت المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية إلى صيغة التورق المصرفي لتحقيق مجموعة من الغايات والأهداف تتمثل فيما يلي:
    • تمويل الأفراد والشركات وتوفير السيولة اللازمة لتمويل مشاريعهم الاقتصادية والاجتماعية، وقد اعتبرته المصارف بديلاً شرعياً عن القرض الربوي.
    • تمكين المدينين من سداد ديونهم لدى المصارف التجارية، حيث تستخدم المصارف الإسلامية التورق لتحويل المدين للمصارف التجارية للتعامل مع المصارف الإسلامية.
    • استثمار المصرف الإسلامي ما لديه من سيولة فائضة في السلع الدولية أو المحلية عن طريق المتاجرة بهذه السلع، حيث يثوم المصرف بشراء السلعة من شركة في السوق الدولية بوسائل الاتصال الحديثة، ومن ثم بيعها للمتورق بالأجل مساومة أو مرابحة، بأكثر من سعر يومها، ثم يبيعها المصرف نيابة عن المالك (العميل)، وقد يبيعها للشركة التي اشترى منها السلعة، ويستفيد المصرف من فرق السعر.
  • إجراءات التَورقُ المصرفي: تتم عملية التورق المصرفي وفق إجراءات معينة تقوم بها المصارف الإسلامية، هي كالتالي:
    • يتقدم العميل المستورق للمصرف الإسلامي بطلب تمويل بأسلوب التَورقُ المصرفي .
    • يعرض المصرف قائمة بأسعار السلع، ليحدد له العميل نوع السلعة والثمن والأجل.
    • يطلب المصرف من العميل المستورق وعداً بالشراء، وتوكيله ببيع السلعة المشتراة.
    • يقوم المصرف بشراء السلعة من السوق – المحلية أو الدولية – تساوي قيمتها المبلغ الذي يحتاجه العميل المتورق.
    • بموجب الوعد يقوم المصرف ببيع السلعة للعميل المستورق بأسلوب المرابحة للآمر بالشراء وتقسيط الثمن.
    • بموجب الوكالة يقوم المصرف ببيع السلعة بسعر الحال (النقد) لحساب العميل المستورق، ويودع ثمنها في حساب العميل لدي المصرف.
    • يستوفي المصرف أقساط بيع المرابحة من العميل المستورق حسب الاتفاق.
    • ويلاحظ أن صيغ الاتفاقات التي تبرمها المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية للتورق المصرفي لا تخلو من الاختلاف في بعض الجزئيات أو التفصيلات، لكنها في الجملة تتفق على بناء وتركيب المنظومة التعاقدية لعملية التَورقُ المصرفي وفق هذه الإجراءات سالفة الذكر.

التَورقُ العكسي

  • تعريف التَورقُ العكسي: عرف التورق العكسي بأنه توكيل العميل (المودع) المصرف في شراء سلعة محددة، وتسليم العميل للمصرف الثمن حاضرًا، ثم يقوم المصرف بشراء السلعة من العميل بثمن مؤجل وبهامش ربح يجري الاتفاق عليه، وبهذا يعد التورق العكسي صورة التورق المنظم نفسها، مع كون المستورق هو المؤسسة والممول هو العميل.
  • إجراءات التَورقُ العكسي
    • أن يقوم العميل بإبداع مبلغ من المال في حسابه لدى البنك.
    • يطلب عميل البنك نموذج عرض بيع سلعة، وطلب شراء سلعة، ووكالة شراء السلعة، وتفويض البنك ببيع السلة وفق أداة التورق المصرفي المنظم.
    • يقدم البنك عرض الأسعار مع تحديد نوع السلعة والعملة والأجل.
    • يعرض البنك على العميل صاحب الحساب أن يتوكل عنه في شراء السلعة، ولا يلزمه بذلك إن كان قادراً على شراء السلعة التي يريدها البنك.
    • يتوكل البنك بعد تملك العميل للسلعة ببيعها لنفسه بثمن مؤجل لمدة محدودة.
    • في حال عدول المصرف عن الشراء بعد شراء العميل السعلة؛ فإن العميل يعامل المصرف بمقتضى أحكام الوعد الملزم، لأن وعد العميل وعد ملزم، بأن يشتري منه السلعة مرابحة بعد تملكه إياها.
    • في حال رغبة العميل في السداد المبكر لمديونته على المصرف أو سحب المبلغ؛ فإن المصرف يبيح له تحقيق هذه الرغبة، لكن يدخل معه في مسألة “ضع وتعجل”.
    • في حال توفر مبلغ لدى العميل ويرغب في إضافته إلى حسابه؛ فيمكنه إجراء عملية المرابحة مع المصرف وفق الإجراءات المتخذة في أول عملية مرابحة مع البنك.
  • الغاية من التَورقُ العكسي
    • استثمار المصرف ما لديه من سيولة في السلع الدولية – عن طريق المتاجرة بهذه السلع، حيث يقوم المصرف بشراء السلعة من شركة في السوق الدولية بوسائل الاتصال الحديثة لحساب العميل، ومن ثم يبيعها لنفسه بالأجل –مرابحة- بأكثر من سعر يومها، ثم يبيعها المصرف (البنك) مرة ثانية، إما لعميل من عملائه أو للشركة التي اشترى منها السلعة، ويستفيد المصرف من فروق الأسعار.
    • أن تحقق للمودعين أرباحًا على ودائعهم بطريقة التورق العكسي، وهذا مما يشجع المودعين على التعامل مع البنوك الإسلامية دون غيرها.
    • توفير السيولة اللازمة لتلك المؤسسات عن طريق التورق العكسي لمنتج البديل للوديعة إلى أجل في البنوك التجارية التي حرمتها الشريعة الإسلامية لتضمنها الربا.
    • تمكين المودعين من السحب من الودائع الاستثمارية وفق مسألة “ضع وتعجل”، بحيث يتنازل العميل عن جزء من ديونه على المصرف مقابل سحب لوديعة استثمارية.
    • تمكين المودع من زيادة وديعته الاستثمارية عن طريق التورق العكسي، بحيث تتعامل المصارف الإسلامية مع المبلغ الجديد المودع من قبل العميل مثلما تتعامل مع المبلغ الأول، عن طريق التورق العكسي.

الخاتمة

  • بعد عرض هذا المقال ، يتبين لنا أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان؛ لأنها كاملة وشاملة، تقوم على أسس راسخة وقواعد ثابتة، لها بفضل الله قدرة فائقة على مسايرة كل ما يستجد من أمور وقضايا تهم المسلمين في جميع مناحي الحياة من غير تنكر لها ما دامت تحقق مصلحة مشروعة ولا تخالف نصاً من كتاب أو سنة أو تتعارض مع أحكامها وقواعدها ومبادئها العامة.
  • نوصى كل مسلم حريص على تقوى الله الاحتياط في المعاملات المالية، والبعد عن كل ما يخالطه شبهة الربا، تجنباً من الوقوع فيه، إذ البعد عن الشبهات أمر مطلوب شرعاً.
  • نوصي كل مسلم يرغب في التعامل مع المصارف الإسلامية أن يستفرغ وسعة ويبذل قصارى جهده في التأكد من أن المعاملات التي يرغب في إجرائها مع هذه المصارف لا تنطوي على أي محرمات أو مخالفات شرعية، حتى يكون هذا التعامل حلال إن شاء الله تعالى فيفوز بالسعادة في الدنيا والنعيم في الآخرة.
  • أن غير الشرعية، حتى تتوافق أعمالها مع الغرض الذي أنشئت من أجله، فتكون مصارف إسلامية حقيقية يتم التعامل فيها وفق قواعد الشرع الإسلامي وأحكامه، بعيدا عن كل المعاملات المحرمة أو المنطوية على المخالفات الشرعية، لا أن تكون هذه المصارف مجرد اسم اتخذته لتخدع به أبناء الأمة الإسلامية وتحقق منه أموالاً طائلة وهي ليس لها نصيب منه في أعمالها، وحتي تكون هذه المصارف ملاذاً لأبناء الأمة الإسلامية يرفع عنهم الحرج ويعصمهم من الوقوع في براثن البنوك التجارية الربوية.

المراجع

  • قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في دورته الخامسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في رجب 1419ه – 1998م.
  • قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة رقم 179 في دورته التاسعة عشرة المنعقدة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة)، في جمادى الأولى 1430ه – ابريل 2009م.
  • د/ محمد عبد الغفار الشريف: التطبيقات المصرفية للتورق: مشروعيتها ودورها الإيجابي والسلبي- بحث حولية البركة – العدد الخامس – رمضان 1424ه – أكتوبر 2003.
  • د/ عبد الله بن حسن السعيدي: التورق كما تجريه المصارف في الوقت الحاضر، بحث مقدم إلى المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في دورته السابعة عشرة ، شوال ١٤٢٤ھ – ديسمبر 2003م.
  • د/ سامي بن إبراهيم السويلم: التورق والتورق المنظم، دراسة تأصيلية، بحث مقدم إلي المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في دورته السابعة عشرة، شوال 1424ھ – ديسمبر 2003م .
  • د/ محمد العلي القري: التورق كما تجريه المصارف الإسلامية، بحث مقدم إلي المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في دورته السابعة عشرة، شوال 1424ھ – ديسمبر 2003م.
  • د/ أحمد محمد الجیوسي: التورق المصرفي بين المجيزين والمانعين، بحث مقدم إلي مؤتمر التورق المصرفي والحيل الربوية الذي نظمته جامعة عجلون الوطنية، سنة 2012م.
  • بحث: التورق الذي قدمه الشيخ عبد العزيز لمجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، في دورته التاسعة عشر..

الوسوم:, , , ,

كتابه رد أو تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


جميع الحقوق محفوظة لموقع أحمد محجوب للمحاماة © 2024